تحليل لتوظيف رئيس الوزراء الصومالي الجديد الدين في السياسة وسلوكه المتعالي لوجود جندية غير مسلمة ضمن حرسه الخاص
الهاتف اونلاين 1 يوليو 2022
مقتطفات من خطبة رئيس الوزراء الصومالي الجديد حيث قال نصا وبلا تصرف من جهتنا : ” نحن بشر .. الله خلقنا .. نحن مسلمين . ان نقبل .. ان أقبل أنا .. المكان الذي أتيت منه وأقيم فيه .. مقر الرئاسة ، ان فتاة أفريقية ومسكينة وغير مسلمة ولا شغل لها بصلاة ودين رباني، ان تقوم بحراستي ، وتحرسني من صومالي .. ، أمر لا يمكن الاقتناع به (تصفيق الحضور) !! . هو الموقف المطلوب منا نحن ان نقوم بالانقاذ، الانقاذ من العذاب ، الانقاذ من الثقافة السيئة . أن يقوموا هم (غير المسلمين) بانقاذنا !! لينقذوننا ، وحتى لو كانوا ينقذوننا من الآخرين (غير الصوماليين) لكان الامر معقولا .. ولكن ان ينقذوك من أخيك (الصومالي) ، أمر لا يمكن القبول به ” انتهى.
تحليل :
يعمد رئيس الوزراء الجديد في العديد من المرات بتوظيف الدين في سياق خطبه السياسية، وذلك لخلفيته الدينية وتفوق مخزونه الديني عن مخزونه السياسي، وتعبيرا لرغبته التي أعلن عنها في احدى خطبه بأن يكون حقل السياسة والمنصب الذي يتبوأه حاليا وسيلة لبلوغه الجنة ، وكذلك لادراكه المسبق بمكانة الدين في وجدان المواطن الصومالي . غير ان الفهم الخاص للدين والنصوص الدينية به وحده او الذي قد يمتد الى جماعته السياسية، يسدل الستار عن قصر نظر في تأمل وفهم النصوص الدينية والمقاصد النهائية للدين الاسلامي ، وعدم مراعاة متطلبات العمل في حقل السياسة.
حيث نجد انه ابدى سلوكا متعاليا وعنصريا تجاه الانتماء٦ الافريقي الذي يعد مكون رئيس من مكونات الهوية الوطنية الصومالية حينما قال ” Gabar Afrikaan Ah ” اي فتاة ” افريقية ” . واستخدام كلمة افريقي او افريقية في الثقافة الصومالية يعد سلوك متأصل لدى البعض من الصوماليين حينما يصفون الاخر وصفا دونيا فيه استصغار . ومن ثم نجده لم يراع حقوق غير المسلمين والمخالفين في العقائد ، واستسهل اصدار الأحكام المسبقة والغيابية بقوله ” لا شغل لها (اي الجندي الفتاة ) بصلاة ودين رباني ” . فكيف تحقق من هذا الأمر ليصدر على الجندي ” البنت ” هذا الحكم؟ أم أنه يعتبر كل شخص غير مسلم ان لا علاقة له بالله ولا صلاة ولا دين له ؟! ولماذا خص جنسا دون جنس حينما ذكر الجندي ” البنت ” التي تحرسه ولم يذكر الجندي من جنس أخر (الولد) الذي يقف بجانبها ؟! ولماذا وصف الجندي ” البنت ” التي تقوم بواجبها في حراسته وامنه الشخصي ب ” المسكين ” ، فمن هو المسكين يا ترى من يحرس (بفتح الياء) ام من يحرس (بضم الياء) ؟! ام أنه يظن انها ما دامت فتاة فهي بحسب فهمه مسكينه ومكسورة ؟! ولماذا اختلطت عليه الحقول، فعلى الرغم من أن حقل الحراسة والانقاذ الذي يقوم به الجنود الأفارقة ضمن البعثة الاممية هو الحقل الامني ، غير انه تجاوز حدود هذا الحقل حينما ذكر اننا اي (المسلمين) نحن المطالبين بانقاذ الغير (غير المسلمين) من العذاب والثقافة السيئة.
يدرك القارئ الجيد للتاريخ بجلاء ان ادعاء امتلاك الحقيقة وفق منطلقات دينية ، والتعالي على الغير والاستعانة بأفهام خاصة للنصوص الدينية، ورفض المخالف واقصاء الآخر، والنظرة الدونية للمرأة التي هي نصف المجتمع .. ، هي سمات لا تساعد صاحبها على فهم الآخر وقبوله والتعايش معه سواء في الداخل او الخارج. وقد رأينا في التجارب
ومن جهة أخرى ، نجد انه لم يراع ايضا متطلبات تنظيم العلاقات مع الدول والمنظمات الدولية المهتمة بدولة الصومال الفاشلة و الفاعلة على الأراضي الصومالية والتي تحمل في طياتها الفرص والتحديات في آن واحد ، وذلك حينما اختزل العلاقة مع الدول والمنظمات الدولية في حدود الجانب الامني فقط ، وتناسى المساهمات والتدخلات الأجنبية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية .. . فمن حقه وواجبه ان يقوم بمراجعة العلاقات مع الدول والمنظمات الدولية بما يخدم مصلحة وطنه ، ولكن ينبغي ان يتم ذلك بهدوء وعبر اجراء دراسات وبحوث علمية والاستعانة بالخبرات الوطنية وبعيدا عن التصريحات العاطفية من أجل إثارة المشاعر الوطنية لدى عامة الشعب والتي قد تضر بمصلحة الصومال الفيدرالي وحكومته المحاصرة من حركة الشباب بلا قصد ولا مبرر .
ان القيادة السياسية الجديدة التي اعلنت عن شعارها السياسي الرنان:
(Somali heshiis ah ..dunidana heshiis la ah)
اي نحو صومال فيدرالي جديد متفق فيما بينه ومنفتح ومتفق مع العالم ، ينبغي ان تعي جيدا ان تصريحات رئيس الوزراء المشار إليها أعلاه لا تتوافق مع شعار القيادة السياسية الجديدة وبل تتعارض معه في الصميم، ومما يستوجب معه التأني واعداد الخطب بشكل مسبق ومدروس ، وعدم الانفراد في رسم وتنفيذ السياسات الداخلية والخارجية والانفتاح على الآخر بما في ذلك ضرورة تجنب إطلاق تصريحات معادية لجمهورية ارض الصومال كما كان يفعل الثنائي فرماجو وخيري.فلا يعقل ان يتبنى الصومال الفيدرالي سياسة الانفراج نحو العالم بينما يتخذ في نفس الوقت مواقف عدائية تجاه جارته الشمالية
و ينبغي على القيادة السياسية الجديدة في مقديشو ان تعي أن المواطن الصومالي قد زاد وعيه السياسي ولم يعد يقف عند حدود الخطب والشعارات ، بل ينتظر منكم انجازات في كافة المجالات، ويراقبكم عن كثب .وقد رأينا عدة تجارب في العام الاسلامي خلطت فيها السياسة مع الدين ولم تؤدي الى سوى إفشال السياسة والإساءة الى الدين الحنيف.