خطاب الرئيس موسى عبدي امام الجلسة المشتركه لمجلسى النواب والشيوخ يؤكد استقلالية القرار الصوماليلاندي وعدم الرضوخ امام الضغوط
بقلم الدكتور احمد هيراد
الجميع كان في انتظار خطبة السيد موسى بيحي رئ جمهورية صوماليلاند التي أعلنت فك ارتباطها مع جمهورية الصومال منذ 1991 ، لما ستحتويه الخطبة من ردود وشروحات حول زيارته للجمهورية الإثيوبية الفيدرالية التي تزامنت مع اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في الحاضرة نفسها “أديس أبابا” ، والتي أيضاً اتخذت منحى آخر نتيجة الاجتماع الأخير بين رئيس جمهورية الصومال السيد فرماجو ورئيس جمهورية صوماليلاند السيد موسى بيحي.
نقاط الخطبة
بعد المرور على الملفات الداخلية الخاصة بالتنمية ، تطرق السيد بيحي لموضوعين في غاية الأهمية ، وهما فتح الباب أمام الأحزاب بعد أن كانت محصورة في ثلاث أحزاب ، و الحديث عن ملف المحادثات بين صوماليلاند – الصومال.
ملف الاحزاب
دستور صوماليلاند ينص على حرية تكوين الأحزاب بدون حصر أو ذكر عدد ، إلا أنه بشكل ما – دون تمعق – تم الحصر في أعلى ثلاثة أحزاب بعد الانتخابات التمهيدية، وهذه الخطوة إذا ما تم اعتمادها ومقارنتها بعامل الزمن ، سنجد أنه هذه الأحزاب الثلاثة لم تلبي الشرط الأساسي لتكوينها و هو التمثيل الحقيقي للشعب، و هو فعلا ما آلت إليه الأحزاب الثلاثة في الآونة الأخيرة في هبوطها الحر من الملفات الوطنية العامة إلى المحاصصة القبلية الضيقة ، وتلك الخطوة بشكل أو بآخر أضرت أيما ضرر بالسجل الديموقراطي لجمهورية صوماليلاند كما في آخر تقرير لمنظمة فريدوم هاوس ، والتي اقتربت فيها دول عربية كالكويت ولبنان من معدل صوماليلاند، وتلك لم تكن إلا بإقحام المحاصصة الفئوية في الديموقراطية في البلدان الثلاث .
و هي حتماً مضرة بالمكينة الديموقراطية ، باعتبار أن الديموقراطية الليبرالية المتعمدة في الغرب لا تكترث بحقوق الجماعات بقدر ما تعني بحقوق الأفراد ، لذا فالمحاصصة الفئوية أيا كان شكلها – طائفي ، قبلي ، عرقي ، ديني ، جهوي ، إثني – لا تتناسب مع جوهر الديموقراطية الليبرالية المرتكزة على الفردانية Indivilualism.
لذا ففتح باب الأحزاب مرة أخرى في المشهد السياسي لصوماليلاند ، قد يعيد البريق للكثير من القبائل التي لم تحظ بتمثيل جيد أو عادل، على أن المطلوب في المرحلة القادمة هو أن تعيد القبائل الصوماليلاندية النظر في التحالفات السياسية بين النخب التي تمثل مصالحهم.
ملف صوماليلاند – الصومال
تطرق السيد بيحي لخمسة نقاط مهمة بخصوص هذا الملف الشائك:
1- عرض السيد آبي أحمد رئيس وزراء اثيوبيا على بيحي أن يُشرك فرماجو في اللقاء، ولم يرفض بيحي ذلك.
و هو موقف سليم من بيحي في أن يغتنم هذه الفرصة ، وموقفه هو رسالة للاتحاد الأفريقي وللدوائر العالمية أن ملف صوماليلاند جاهز للعرض بأية لحظة.
2- اتفق الطرفان على الاستعداد للمرحلة القادمة وهي المفاوضات ، وأن تكون إثيوبيا والسويد وجيبوتي رعاة رسميين للمفاوضات بالإضافة إلى تركيا.
وهو مكسب كبير لصوماليلاند في أن ترضخ الصومال أخيراً لهذا الشرط ، بعد أن كانت الصومال ترى في أن الراعي الوحيد للملف هي الجمهورية التركية.
3- قبول جمهورية صوماليلاند الاعتذار الذي قدمه فرماجو للمجازر التي ارتكبت بحق الصوماليلانديين في الحرب الأهلية 1981 – 1991 أو ما تسمى ب ” حرب التحرير ” ، رغم أن اعتذار فرماجو كان هزيلاً ومراوغاً ، إلا أنه من الناحية القانونية كانت هذه فرصة ذهبية لصوماليلاند في أن تقبل الاعتذار ، لكي تترجمه لاحقاً في ملفات الملاحقة القانونية لمجرمي الحرب وملف التعويضات ، وصوماليلاند قد استعدت تماماً لهذه اللحظة منذ أمد ليس بقصير.
4- رفض بيحي أن تستقبل صوماليلاند السيد فرماجو رئيس الصومال على أراضيها، و وتذكيره الناس بأن حكومة فرماجو هي الأسوء على الإطلاق والأشد عداوة لملف صوماليلاند.
و هذا القرار صائب جداً ، لأن الحكومة الصومالية بقيادة فرماجو لا يهمها مطلقا ملف صوماليلاند ، بقدر ما يشغلها تلميع الصورة لدى الشعب الصومالي في الداخل وللمتهمين في الخارج ، من خلال إثبات قدرته على زيارة كل أقاليم الصومال ” الموحد ” ، و هو ما كان سيدخل ملف صوماليلاند في حالة موت سريري ، كتتابع منطقي للأحداث.
ناهيك على سوء حكومة فرماجو القائمة على إعادة الإرث القديم لسياد بري في إدارة ملف صوماليلاند و الذي بدأه بالحصار الاقتصادي ، و هي ذات الحرب الاقتصادية التي أعلنها سياد بري على الصومالانديين في 1979 -1980 ، والتي بسببها اندلعت الحرب الأهلية في 1981 ، بالإضافة إلى تأليب القبائل الداخلية الصوماليلاندية على بعضها وتأجيج سعير الحرب ، وتهويل الأزمات كأزمة جبهة عاري ، والتي كشفت للجميع لاحقاً أن عددهم لم يتجاوز 150 شخص فقط – تداعي جبهة عاري لم يفاجىء صوماليلاند بقدر ما فاجىء المتابعين لأخبار الذباب الإلكتروني الصومالي- .
5- استعراض الأزمة بين صوماليلاند – الصومال ، و تذكيره للجميع بأنها لم يكن وليدة مذابح 1988 ، بل كانت مع صبيحة ثاني يوم من الوحدة في الثاني من يوليو 1960 ” 2. 7. 1960 ” والتي ترجمت في 1961 برفض غالبية الصوماليلانديين لميثاق الوحدة ، ثم بانقلاب الضباط الصوماليلانديين في العام ذاته ، مروراً بأزمة اللاجئين في الحرب الأثيوبية – الصومالية ، والتي كان القصد منها توطين شعب وإخراج السكان الأصليين ، هذه كلها أدت إلى اندلاع الحرب التحرير بقيادة جبهة SNM والتي انتهت باندحار الجيش الصومالي من كافة أراضي صوماليلاند و إعلان صواليلاند فك الارتباط عن الصومال في 18 مايو 1991.
و هذا الاستعراض جيد جداًَ ، والكثير من النشطاء على أتم الاستعداد لتقديم الأدلة والبراهين التي تم توثيقها في المئات من التقارير والكتب والملفات الأرشيفية ، التي يثبت للدوائر العالمية مدى صلابة الأرض التي تقف عليها جمهورية صوماليلاند.
ما هو القادم ؟
توالي الأيام ستظهر لنا أهمية تكوين فريق قانوني على أعلى مستوى، و الكثير من أبناء صوماليلاند على مستوى رفيع جداً من الناحية القانونية والقانون الدولي سواء في الداخل أو في خارج البلاد ، للجلوس على طاولة المفاوضات و إتمام إجراءات الطلاق البائن بين الدولتين.
والله الموفق
د. أحمد هراد
Leave a comment